
الإخوان قوة، و هكذا يجب أن أبدأ، فلا شك نهائياً في أن الإخوان تنظيم كبير مكون من أكثر من 3 مليون مصري موزعون في أنحاء الجمهوريه، لديهم قدرة كبيرة على الحشد في أي عمل يستلزم ذلك عندما يقتنعون به، واجهة إعلاميه جيده، يتحدثون و يناورون في الإعلام أفضل كثيراً من أعضاء الحزب الوطني المنحل عندما كانوا في أوج قوتهم (يكفيك أن تستمع إلى عصام سلطان أو العريان حتى تعرف قدرتهم على المناورة)، شبابهم دمث الخلق و متدين بالطبع، و لديهم تنظيمات عسكريه هم أنفسهم لا ينكرونها!
أعذرني على هذه المقدمه الطويله التي كان لا بد أن أكتبها حتى أوضح لك رؤيتي فقط للإخوان كجماعه منظمه، ولا شك أن هذه الرؤيه يتفق عليها كثيرون، و لكننا نختلف عندما نصل إلى سياسات الجماعه التي تبدو في كثير من الأحيان فيها تغليب لمصلحة الجماعه على مصلحة مصر، منذ يوم 25 يناير، عندما أعلن مكتب الإرشاد أن الجماعه لن تشارك كتنظيم في الثورة و لكن من يريد أن يشارك من شبابها فليفعل كمصري لا إخواني، لم يكون موقفاً سيئاً و إن كنت قد رأيت فيه خوف من مكتب الإرشاد على أنفسهم و أن تفشل الثورة فلا يلاقوا من نظام مبارك المتربص بهم إلا كل شر، و من هنا كان لزاماً على الإخوان بما أنهم خافوا على أنفسهم يوم 25 و على الجماعه و أعلنوا مشاركتهم كمصريين أن يلتزموا بهذا بعد الثورة ولا يعودوا لينكروا ذلك و يقولوا بأن الجماعه كانت في الميدان من يوم 25 الساعه 2 الظهر، أعذروني لم تكونوا في الميدان و من كان في الميدان هم المصريين و هذا كان قراركم، ولا يمكن أن تأتوا اليوم لتنكرون قراركم بهذه السهوله، لم تشاركوا كتنظيم فلا تقولوا ذلك اليو و كأننا نسينا!
طوال الثورة إبتداءاً من يوم 28 يناير (جمعة الغضب)، أصبح الإخوان مشاركون رسمياً كتنظيم في الثورة، حشدوا أنفسهم و كان لشبابهم دور جيد في تنظيم المسيرات بحكم أننا كشباب مصري عادي كان أغلبنا أول مرة في حياته يشارك في مظاهره و هم كانت لهم خبرة في ذلك و بحكم أنهم كانوا جماعه موجودة و منظمه و هيكل مبني بالفعل و كانوا الهيكل المنظم الوحيد المشارك في الثورة و لذلك أعطاهم ذلك فرصة جيدة، و يوم موقعة الجمل أظهر شباب الإخوان مع الشباب المصري بسالة و شجاعة واضحه في الدفاع عن الميدان و كانت هذه هي المعركه الأخيرة و الفاصله في الثورة!
إن سألتني اليوم أيهما كان أقوى، يوم الثلاثاء 25 أم الجمعه 28، سأقول لك الثلاثاء 25 و أنا واثق من إجابتي، لإن الثلاثاء 25 كان نواة الثورة الحقيقيه، كان المؤشر الحقيقي لنجاحنا، فعندما يجتمع 30 ألف شاب مصري بدون إنتماءات سياسية مطلقاً فقط نزلوا لإنهم مصريين في ميدان التحرير لأول مرة في التاريخ تقريباً فهذا كان أقوى مؤشر على النجاح و النواة الحقيقه التي فجرت جمعة الغضب، و شجعت باقي المصريين على النزول، و من هنا ندرك أن الإخوان لم يكن لهم دور حقيقي في الحشد ليوم 25 أو 28 فالشعب كان ثائراً بالفعل ليس في حاجه إلى إخوان أو غير إخوان، فلو كان للإخوان قدرة على هذا الحشد لقاموا بثورة من زمن طويل!
ما يجب أن نعيه حتى الآن و يجب أن ينتبه إليه الإخوان أن الشعب المصري هو الذي قام بالثورة، نعم شارك الإخوان كما شاركت باقي القوى الوطنيه و الأحزاب السياسيه و لكنهم ليسوا الثورة، بالظبط كما يجب أن يعي المجلس العسكري أنه شارك في الثورة و لكنه ليس الثورة، و أنا شاركت في الثورة و لكني لست الثورة، هذه ثورة الجميع، ثورة الشعب المصري.
و الحقيقه المؤسفه هي أن الجماعه و بعض الشباب ممن شاركوا في الثورة إعتقدوا أن الجماعه يجب أن تبارك أي مليونيه حتى تنجح، و هو ما بدا واضحاً جلياً أمس أن الشعب ليس في حاجه إلى الإخوان مطلقاً حتى يصلي الجمعه! .. و للأسف حزنت عندما رأيت البعض يراهن على الإخوان لا على الشعب .. و الحقيقه أن الشعب المصري أعظم من أي تيار يوجهه أو نعره تحركه.
الحقيقه أنني لست متضايقاً من الإخوان لعدم مشاركتهم في المليونيه، بل على العكس أنا مقتنع بأن هذا حقهم و هم أحرار، و لكني بالطبع من حقي أن أسخط عليهم و على طريقة محاربتهم لليوم فوزعوا المنشورات و روجوا لعدم الذهب إلى المليونيه لأنها مليونية العلمانيين و الشيوعيين و الملاحده و من يريدون الإنقضاض على إرادة الأمة، و الحقيقه أنها كانت مليونيه عاديه، و الحقيقه الأخرى أيضاً أن ميدان التحرير لم و لن يعرف يوماً إلا المصريين، فهو لم يعرف مسيحي أو مسلم و لم يعرف علماني أو إخواني أو شيوعي أو ليبرالي، ميدان التحرير هو ميدان الشعب المصري بدون تيارات، و الإخوان بعدم مشاركتهم أمس ضربوا في الحقيقه مثل رائع في شق الصف!
الحقيقه أنني سعدت أمس لإن الجميع أدرك القوة الحقيقيه للإخوان، و أدرك أيضاً أن الشعب المصري لن يؤثر فيه أحد مهما بلغ من قوة، و أنه يعي مصلحته جيداً و ليس في حاجه إلى من يخونه أو يكون وصياً عليه، و الحقيقه أيضاً أنني بالأمس تبينت تماماً أن نتيجة الإستفتاء بنعم لم يكن للإخوان فضل فيها، فقد كانت نتيجة الإستفتاء نعم لإن الشعب هو من أراد ذلك لا الإخوان المسلمين، صحيح أنهم حشدوا للتصويت بنعم و لكن الشعب أصلاً كان يميل إلى ذلك، و في مليونية الأمس لم يفرق الميدان مرة أخرى بين من قال نعم أو لا فالكل يجتمع للهدف الأسمى و هو مصلحة مصر.
الإخوان منتهى أملهم للأسف هو أن يناموا و يستيقظوا فيجدوا الإنتخابات البرلمانيه، و يجدوا نفسهم و قد حصلوا على الـ 50% من مقاعد البرلمان التي يرجونها، و هم كمكتب إرشاد للأسف يعتقدون أن نفاقهم و مسايرتهم لقرارات المجلس الأعلى للقوات المسلحه و إن كانت خاطئه سيساعدهم في الوصل إلى أهدافهم، و الحقيقه هي أنكم بذلك لن تصلوا إلى أي شيء لأنكم فعلتم المثل مع عبدالناصر و هرسكم تحت حذاءه و فعلتم المثل مع السادات واقعين في نفس الخطأ و فعلتم المثل مع مبارك ولم تجنوا إلا سوء المنقلب، للأسف بات واضحاً أن عصور الإستبداد الطويله أثرت سلباً على الجماعه و جعلت منتهى أملها هو الوصول إلى الحكم بأي طريقه كانت، و هو ما يجعل الإخوان كجماعه تغلب مصلحتها الشخصيه على مصلحة مصر طمعاً في الكرسي فقط!
في الإخوان هناك شخصيات كثيرة تحترم إلا أن إحترامي للشخص و لكثير من شباب الإخوان لا يمنع أنني أختلف كلياً مع مكتب الإرشاد و قراراته و طريقته في أخذ القرارات، لقد كنت أنوي جدياً أن أصوت للإخوان في الإنتخابات البرلمانيه المقبله على الرغم من أني أختلف معهم كثيراً بحكم أنني لست ذو توجهات إسلاميه (في السياسه)، و لكن الكثير من قراراتهم جعلتني أعيد النظر كثيراً في قراري و تأكدت أنه ليس القرار الصائب!
إذا كنت كلما سأعارض الجماعه سأوصف بالليبرالي العلماني الملحد، و كأن معارضة الجماعه هي معارضة الدين، و إذا كنتم تفعلون ذلك و أنتم لستم في موقع سلطه بعد فثقوا أنني سأكون أكبر معارض لكم، و لتبقوا جماعة إجتماعيه مبتعده عن السياسة إذا كنتم ستكفرون كل من يختلف معكم محتكرين الخديث بإسم الدين.
لمن يعترض على الفقرتين السابقتين أن يشاهد حديث صبحي صالح لشباب الجماعه عن الزواج ليدرك أن هناك فكراً متعفناً مستشري في عقول الكثيرين من قيادات الجماعه، و يدرك أن هناك إحتقاراً غريباً لمن لا ينتمي للجماعه و نطرة إستعلاء عجيبه، رغم أن صبحي صالح إعتذر عن المقطع إلا أن إعتذار لم يعد يساوي شيء على الإطلاق، و من قال لكم أن من حقكم أصلاً أن تخطئوا هذه الأخطاء ثم تنتظروا قبول إعتذاركم بهذه السهوله؟.. لقد وصفت بنات مصر من هم ليسوا في الجماعه بالأدنى ممن هم في الجماعه و هي سبه في حق الشعب المصري فضحت واقعاً أليماً تعيشه قيادات الجماعه و ليست كلمة يمكن الإعتذار عنها بسهوله!
إنها مهزله عندما يتحدث واحد من لجنة التعديلات الدستوريه الذي إختاره المجلس الأعلى للقوات المسلحه ليضع تعديلات دستوريه في مرجله حرجه للغايه بهذه الطريقه، لقد أخطأ المجلس الأعلى للقوات المسلحه عندما إختار صبحي صالح دوناً عن باقي الفقهاء الدستوريين في مصر ليكون عضواً في لجنة التعديلات الدستوريه، خطأ خطأين الأول هو أنه إختار شخص ينتمي إلى تيار معين و تنظيم معين و الخطأ الثاني هو إختياره لصبحي صالح في حد ذاته (بالمناسبة لم أكن مختلفاً وقت إختياره و كنت أراها مسأله عاديه)!
الحقيقه أن إختياره جعل الإخوان يعتقدون أن الجماعه لها حظوه عند المجلس و هذا هو السر في كون الجماعه تصمت عن أخطائ و سلبيات المجلس ولا تعارضه رداً منها لجميل المجلس عليها، و إعتقاداً منها أنها بذلك سوف تكتسح الإنتخابات البرلمانيه و تصل إلى الكرسي في أسرع وقت ممكن، و لكن هيهات فهذه ثورة شعب لا ثورة إخوان!
في النهايه أريد أن أختم التدوينه بمقطع للخباز الفصيح، أنا بأحب الراجل ده بصراحه لإنه من الشعب و فاهم وواعي كويس أوي

بالمناسبة، لقد أصبحت أشعر أن شعار الإخوان المسلمين (و أعدوا) موجهاً ضدي أنا كمواطن مصري!
في أمان الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق